المؤتمر الوطني على شفا الانقسام: تحليل لصراع القيادة
قرر مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني المنحل إنهاء الخلافات مع المكتب القيادي من خلال إعلان أحمد هارون رئيسًا للحزب وإعفاء الرئيس المكلف إبراهيم محمود. ونتيجة لذلك، انقسم الحزب رسميًا إلى تيارين، أحدهما تحت قيادة علي كرتي وأحمد هارون، والآخر بقيادة إبراهيم محمود، وفقًا للبيانات المتداولة.
اندلعت حرب بيانات بين تيار الشورى وتيار المكتب القيادي خلال الفترة الماضية، حول مشروعية القيادة في الحزب. في نوفمبر 2019، تم حل حزب المؤتمر الوطني بعد الإطاحة بعمر البشير نتيجة لضغوط انتفاضة شعبية. يُعتبر علي كرتي على نطاق واسع بين الإسلاميين قائدًا لسفينة النجاة، وذلك بفضل مفاوضاته مع المجلس العسكري قبل 11 أبريل 2019، والتي أدت إلى الحفاظ على المكاسب الاقتصادية للتنظيم وتقليل فعالية المحاسبة.
سابقة خطيرة
بعد إعلان هارون رئيسًا للحزب، أطلق عثمان كبر، رئيس مجلس الشورى الوطني المكلف، بيانًا مطولاً ذو نبرة قوية ردًا على مجموعة المكتب القيادي برئاسة إبراهيم محمود. ووصف عدم الاعتراف بقرارات الشورى بأنه سابقة خطيرة، مشيرًا إلى أن هذا السلوك يعد انتهاكًا للنظام الأساسي، نظرًا لأن مجلس الشورى هو أعلى هيئة في الحزب. ودافع كبر عن استكمال النصاب في الاجتماع الذي اتُخذ فيه قرار إعفاء إبراهيم محمود، مشيراً إلى أن مجلس الشورى استخدم حقه كاملاً وبنصاب قانوني. أصدرت مجموعة المكتب القيادي برئاسة إبراهيم محمود بياناً انتقدت فيه قرارات الشورى، حيث ذكرت أن 60% من الأعضاء لم يحضروا الاجتماع. وأشارت إلى أن 15 شخصاً حضروا اجتماعات الشورى رغم أنهم ليسوا من الأعضاء. وتساءل البيان عن مصادر التمويل التي كانت مخفية في وقت سابق، واتهم قيادة الشورى بأنها طلبت من المجتمعين الموافقة على تعيين أحمد هارون رئيساً، كما طلبت منهم أداء اليمين بعدم الإفصاح عما دار في الاجتماع.
رأب الصدع
يعمل القيادي البارز إبراهيم أحمد عمر على وساطة لتوحيد المجموعتين، ولم تتمكن “دارفور24” من الحصول على معلومات حول اجتماع عمر مع الأطراف المعنية. وقد أعلنت مجموعة إبراهيم محمود، في بيانها، مجموعة من الشروط لتجاوز هذا الخلاف، يأتي في مقدمتها إلغاء كل ما يتعلق بالاجتماع الأخير لمجلس الشورى بسبب مخالفته للنظام الأساسي، واعتباره كأنه لم يكن، وإبطال كل ما صدر أو سيصدر من إجراءات، مع التأكيد على بقاء إبراهيم محمود رئيسًا للحزب. كما اشترطت إزالة مسمى “المنظومة” من جميع مستويات هياكل الحزب، وتسليم جميع الموارد المالية للحزب لتكون تحت إدارة رئيسه ومؤسساته.
سبب الخلاف
حول أسباب الخلاف الأساسية بين المجموعتين، يوضح مصدر مقرب من مجموعة المكتب القيادي أن أحد أسباب الخلاف هو أن مجموعة علي كرتي تُعتبر شريكًا في الانقلاب الذي وقع ضد البشير، وهي متوافقة مع المجلس العسكري الذي تولى الحكم بعده، في حين أن مجموعة المكتب القيادي لا تعترف بالتغيير الذي حدث في عام 2019. وأضاف المصدر لـ”دارفور24″ أن “مجموعة الشورى (كرتي – هارون) تهدف إلى التخلص من الحزب وإرثه والسعي للعمل بشكل جديد، وهو ما أطلق عليه مسمى ‘المنظومة’، حيث يدير الحزب نشاطه التنظيمي في الولايات تحت هذه التسمية الجديدة التي يرأسها كرتي ويقوم هارون بدور النائب عنه”. تمثل القضية الاقتصادية نقطة نزاع أساسية، حيث استحوذت مجموعة الشورى المرتبطة بالسلطة العسكرية الحالية على جميع أموال التنظيم منذ اتفاقها مع المجلس العسكري في ذلك الوقت، وعزلت هذه الأموال عن المجموعة المعارضة، وفقًا لبيان مجموعة إبراهيم محمود.
يقول أحد قادة الحزب، الذي فضل البقاء على الرصيف كما يعبر، إن الانقسام الذي حصل داخل الحزب لن يؤثر على سير الحرب. وأشار في حديثه لـ”دارفور24″ إلى أن مجموعة الشورى التي يقودها كرتي تمتلك النفوذ الحقيقي على الأرض، حيث تتوفر لديها الموارد المالية والرجال، مما يشير إلى تأثيرها على المقاتلين الإسلاميين إلى جانب الجيش. وتوقع أن تزداد أعداد المجموعات المتطلعة للابتعاد عن الحزب. نصحت مجموعة إبراهيم محمود، أعضاء حزب المؤتمر الوطني بعدم الاستجابة لمجموعة “كرتي – هارون”، التي اتهمتها بأنها كانت وراء سقوط البشير وتعمل على إثارة النزاعات داخل الحزب لتحقيق مشروعها المنهجي الذي يهدف إلى إضعاف الحزب وتقليل دوره وتأثيره في الساحة السياسية. وقالت: “إنها المجموعة الرئيسية المتورطة في التآمر على مشروع الإنقاذ وإسقاطه، وكذلك في محاولات إضعاف الحزب خلال فترة غندور وإبراهيم محمود. الآن، يقومون بتأجيج الصراع بدعم أحد الأطراف بأموالهم وأجهزتهم، ولن يتحسن الوضع إلا إذا عادت إلى صوابها”، حسبما جاء في البيان.