تقارير

طرفا الحرب بالسودان يعلنان انفتاحهما على الحلول السلمية

 

في خطوة لافتة، أعلن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع استعدادهما للانفتاح على الحلول السلمية، وذلك في إطار النزاع المستمر منذ أكثر من 17 شهرًا. جاء هذا الإعلان في استجابة لدعوة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي حث فيها الطرفين على العودة إلى طاولة المفاوضات. ويأتي هذا الانفتاح بعد فترة طويلة من القتال الذي أسفر عن أعداد هائلة من الضحايا والنزوح.

في تصريحات له، أكد قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أن الحكومة “تظل منفتحة أمام كافة الجهود البناءة الرامية إلى إنهاء هذه الحرب المدمرة”. وشدد على أن أولويات الحكومة تشمل تخفيف المعاناة الإنسانية واستعادة الأمن والاستقرار في البلاد. ومن الجدير بالذكر أن البرهان قد أشار إلى أهمية التعاون مع المجتمع الدولي لتحقيق هذه الأهداف، مما يعكس رغبة في تعزيز العلاقات مع الدول التي يمكن أن تساهم في جهود السلام.

من جهته، عبّر قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، عن موقفه المماثل، حيث كتب على منصة “إكس”: “نجدد التزامنا بمفاوضات وقف إطلاق النار. إننا نؤمن بأن طريق السلام يكمن في الحوار، وليس في العنف العشوائي، وسنواصل الانخراط في عمليات السلام لضمان مستقبل خالٍ من الخوف والمعاناة لجميع المدنيين السودانيين”. تعكس هذه الكلمات أهمية الحوار كأداة لتحقيق السلام، وهو ما يحتاجه السودان بشدة في الوقت الحالي.

ومع ذلك، على الرغم من هذا الانفتاح الظاهر، لا تزال هناك تحديات كبيرة تعوق تحقيق السلام. فقد تبادل القائدان الاتهامات بشأن المسؤولية عن استمرار الصراع الذي أودى بحياة أكثر من 12 ألف شخص منذ بدايته في أبريل 2023. وكلاهما اتهم الآخر بارتكاب انتهاكات جسيمة خلال النزاع، مما يزيد من تعقيد الوضع ويعمق انعدام الثقة بينهما. إن هذه الاتهامات تعكس واقعًا سياسيًا معقدًا ومؤلمًا، حيث يجد الشعب السوداني نفسه ضحية لهذا الصراع.

وقد تفجر النزاع نتيجة للتنافس التاريخي بين الجيش وقوات الدعم السريع، اللذين كانا قد تقاسما السلطة بعد انقلاب مشترك. ومع تصاعد التوترات، تحولت المنافسة إلى حرب مفتوحة، مما أدى إلى تفاقم الأزمات الإنسانية في البلاد. الوضع في السودان الآن يثير قلق المجتمع الدولي، حيث بات ملايين الناس في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.

وفي هذا السياق، أشار الوسطاء بقيادة الولايات المتحدة إلى أنهم حصلوا على ضمانات من الطرفين خلال محادثات جرت في سويسرا لتحسين وصول المساعدات الإنسانية. ومع ذلك، فإن غياب الجيش السوداني عن هذه المناقشات أعاق التقدم نحو إيجاد حلول ملموسة للأزمة.

وفي بيان له، أعرب البرهان عن استعداد الجيش للعمل مع جميع الشركاء الدوليين سعياً للتوصل إلى حل سلمي يخفف من معاناة الشعب السوداني. وأكد على أهمية وضع السودان على الطريق نحو الأمن والاستقرار، بالإضافة إلى تعزيز سيادة القانون والتداول الديمقراطي للسلطة. هذه التصريحات تأتي في وقت حرج، حيث يسعى الشعب السوداني إلى استعادة حقوقه الأساسية بعد شهور طويلة من النزاع.

ومع كل هذه التطورات، يبقى السؤال مطروحًا حول كيفية تحويل هذا الانفتاح إلى خطوات عملية. لا يزال هناك حاجة ملحة لتجاوز الخلافات التاريخية وبناء الثقة بين الأطراف المتنازعة. سيكون من الضروري لكل من الجيش وقوات الدعم السريع تحديد خطوات واضحة وملموسة للتوصل إلى حل سلمي، بدلاً من الاكتفاء بالتعبير عن النوايا.

في النهاية، الأمل معلق على قدرة الأطراف المتنازعة على التغلب على خلافاتهم والدخول في حوار جاد ومنتج. يتطلع الشعب السوداني إلى مستقبل أفضل يسوده السلام والأمان، مما يتطلب من قادته اتخاذ قرارات جريئة وشجاعة تعكس تطلعات المواطنين في بناء وطن مستقر ومزدهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى