اتهامات متبادلة حول إلغاء اجتماع القاهرة بشأن السودان
تبادل مجلس السيادة الانتقالي في السودان والمبعوث الأميركي توم بيرييلو الانتقادات على خلفية الاجتماع التشاوري بينهما، الذي كان مقررا له أن ينعقد أمس الأربعاء في العاصمة المصرية القاهرة التي لم يصدر عنها بعد أي تصريحات حول مصير المؤتمر.
وفي حين قال المبعوث الأميركي أمس إن تأجيل المشاورات السودانية الأميركية “كان بسبب خرق الوفد السوداني للبروتوكول” من دون ذكر تفاصيل، قال مجلس السيادة السوداني “إن الاجتماع لم ينعقد لظروف تتعلق بالوفد الأميركي”.
وقال بيرييلو -عبر منصة إكس- “كجزء من شراكتنا الوثيقة المستمرة مع مصر في محاولة إنقاذ الأرواح في السودان، أُقدر الفرصة التي أتيحت لي الأربعاء للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووزير الخارجية بدر عبد العاطي”.
وأضاف “كانت الحكومة المصرية حددت أيضا موعدا -لم يذكره- لعقد اجتماع مع وفد للحكومة قادم من مدينة بورتسودان، لكن قيل لنا إنه سيتم إلغاء الاجتماع بعد أن خرق الوفد البروتوكولات”، دون تقدم أي توضيحات أخرى بهذا الشأن.
وقال المبعوث الأميركي “نحن متحمسون لمواصلة رؤية نتائج جهودنا مع مصر والشركاء الدوليين في جنيف لتوسيع نطاق الوصول الإنساني والبرامج الأخرى لتخفيف معاناة الشعب السوداني”.
بيان سوداني
من جهته، أصدر مجلس السيادة الانتقالي بيانا أكد فيه “حرص الحكومة السودانية على تحقيق الأمن والسلام والاستقرار لإنهاء معاناة المواطنين الناتجة من الانتهاكات المتكررة من المليشيا المتمردة (في إشارة للدعم السريع) ضد المدنيين وممتلكاتهم ومؤسساتهم الصحية والاجتماعية”.
كما شدد البيان على أن “موقف حكومة السودان المبدئي هو انحيازها للسلام الحقيقي الذي يرتكز على نوايا صادقة وعلى تنفيذ إعلان جدة، ليمثل ذلك بداية لتحقيق تطلعات الشعب السوداني، ويفتح الطريق للمواطنين للعودة لمنازلهم، ويعيد المرافق العامة للعمل، ويفتح الطرق العامة، ويساعد في تطبيع الحياة، تمهيدا للتفاوض حول مصير المليشيا المتمردة وباقي الترتيبات ذات العلاقة بالسلام”.
وعن اجتماع القاهرة الذي لم ينعقد، قال البيان “تثمن حكومة السودان عاليا الجهود التي ظلت تبذلها مصر منذ اندلاع الحرب، لا سيما استضافتها للسودانيين، وكذلك جهودها لتحقيق السلام ومبادرتها لاستضافة الاجتماع التشاوري مع الولايات المتحدة”.
وذكر البيان أن حكومة السودان قررت “إرسال وفد حكومي للقاهرة للقاء الوفد الأميركي، وقد وصل اثنان من أعضاء وفدنا إلى القاهرة منذ يوم الاثنين الماضي، وما زالا هناك في انتظار التحاق الوفد بهما، وهذا تأكيد على جديتنا ورغبتنا الصادقة في استمرار التشاور السابق الذي ابتدرناه مع الولايات المتحدة بمدينة جدة”.
كما نبه إلى أنه “ليس لهذه المشاورات أية علاقة بما يجري في اجتماعات جنيف، ولكنها هدفت لتوضيح رؤيتنا حول تنفيذ إعلان جدة”، مؤكدا أن حكومة السودان “ستظل حريصة على الاستجابة لما يحقق رغبات الشعب السوداني ومستعدة لأي جولات تشاورية يتم تحديدها في هذا الإطار مع ضرورة التنسيق المسبق معنا وليس بفرض الأمر الواقع من طرف واحد”، وفق تعبيره.
تشكيلة الوفد
وفي حين تجنب المبعوث الأميركي والحكومة السودانية الحديث عن التفاصيل التي أحاطت بعدم انعقاد الاجتماع نقل موقع “سودان تربيون” المحلي عن مصادر مطلعة القول إن الساعات الأخيرة قبل الاجتماع “شهدت إجراء إضافات على وفد الحكومة السودانية بضم مسؤول في جهاز الاستخبارات العسكرية وشخصين من الحركات المسلحة”.
وأكدت المصادر أن الجانبين المصري والأميركي اعترضا على تشكيل الوفد الذي كان من المقرر أن يغادر إلى القاهرة أمس، برئاسة وزير المعادن محمد بشير أبو نمو.
وذكرت المصادر أن قيادة الجيش “تراجعت عن إرسال الوفد قبل ساعات من مغادرته، بسبب الطريقة التي قدم بها المبعوث الأميركي الدعوة للحضور دون تحديد موعد بوقت كافٍ”، مضيفة أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، والمبعوث الأميركي، والمسؤولين المصريين أبلغوا الحكومة بملاحظاتهم على طبيعة تشكيل الوفد، ورفضوا عقد الاجتماع.
والأحد الماضي، أعلن مجلس السيادة الانتقالي، اعتزامه إرسال وفد حكومي إلى القاهرة، بناء على اتصالات مع الولايات المتحدة ومصر لمناقشة تطبيق إعلان جدة.
جاء ذلك على خلفية غياب وفد الحكومة السودانية التفاوضي عن محادثات بشأن الأزمة في بلاده بدأت في جنيف، الأربعاء الماضي، استجابة لدعوة أميركية صدرت يوم 23 يوليو/تموز الماضي.
وبينما يشارك في هذه المحادثات وفد من قوات الدعم السريع، رفض الوفد الحكومي المشاركة فيها، متمسكا بتنفيذ إعلان جدة، الصادر في مايو/أيار 2023، قبل الجلوس في أي مفاوضات جديدة.
يذكر أن الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اندلعت في أبريل/نيسان 2023، وخلفت نحو 18 ألفا و800 قتيل وقرابة 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء هذه الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.
المصدر : الجزيرة