الصراعات الخفية في السودان: الطموحات الخفية للفريق شمس الدين كباش
تشارلز تايلور موقع كوستال نتوورك
الصراعات الخفية في السودان: الطموحات الخفية للفريق شمس الدين كباش
السودان غارق في الفوضى، وأي شخص ينظر إلى الداخل يمكنه أن يرى ذلك. غالبًا ما تطغى صراعات القوة والأجندات الخفية على وعود الاستقرار والسلام؛ تنمو التحالفات على أساس الاحتياجات المشتركة في ذلك الوقت وتنهار بمجرد ظهور فرصة كافية. ليس من المستغرب أن الفريق شمس الدين كباشي، الذي ظهر كشخصية محورية وسط مزاعم الاعتدال والإصلاح، يكشف الآن عن أفعال تشير إلى أجندة أكثر تعقيدًا وإثارة للقلق.
كشف الواجهة
بدأ صعود كباشي في أعقاب ثورة السودان عام 2019، والتي شهدت الإطاحة بالحاكم القديم عمر البشير. خلال الانتقال العسكري التالي، تولى كباشي دورًا عامًا بارزًا، حيث كان يُنظر إليه في البداية على أنه منارة أمل للديمقراطية والحكم المدني. ومع ذلك، تعثر الانتقال تحت قبضة الجيش، حيث لعب كباشي دورًا رئيسيًا في تشكيل مسار البلاد. لقد صور نفسه كزعيم وسطي يدعو إلى السلام والتعاون الدولي. ولكن تحت هذه الصورة المصاغة بعناية تكمن حقيقة صارخة: يبدو أن النوايا الحقيقية لكباشي تهدف إلى تقويض القوى المعتدلة وتوجيه السودان نحو نظام إسلامي متشدد.
الأهمية الاقتصادية والإقليمية
السودان ليس مجرد دولة بعيدة متورطة في حرب أهلية وحشية؛ بل إنه يتمتع بأهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة بالنسبة لأفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا وحتى الولايات المتحدة. إن احتياطيات البلاد الضخمة من الذهب واليورانيوم والحديد وغيرها من الموارد مثل بذور السمسم والصمغ العربي (المستخدم في عدد لا يحصى من المنتجات اليومية) تجعلها لاعباً حاسماً في التجارة العالمية. إن الحرب الأهلية المستمرة تعطل هذه التجارة، ولكن إلى جانب هذه العوامل الاقتصادية، يضيف الموقع الاستراتيجي للسودان طبقة أخرى من التعقيد.
البحر الأحمر، وهو طريق بحري بالغ الأهمية، هو ساحة معركة للنفوذ، حيث تتنافس روسيا وإيران على السيطرة على قاعدة عسكرية رئيسية. والولايات المتحدة وحلفاؤها لديهم مصلحة في تأمين هذه القاعدة لموازنة طموحات هؤلاء الخصوم. إن السيطرة على هذه النقطة الاستراتيجية قد تحدد هيمنة الأيديولوجيات وطرق التجارة، والأمر الأكثر إثارة للقلق، دعم الأنشطة الإرهابية، وبالتالي إدامة عدم الاستقرار الإقليمي.
وهم الدبلوماسية
لقد انخرط كباشي باستمرار في مناورات دبلوماسية لكسب الدعم الدولي والشرعية. وقد اتسمت تفاعلاته مع القوى العالمية مثل إسرائيل والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأوروبي بوعود السلام والتعاون، والتي تهدف ظاهريًا إلى استقرار المشهد السياسي الهش في السودان. ومع ذلك، غالبًا ما تخفي هذه الإيماءات أجندة أعمق متجذرة في تعزيز السلطة وتعزيز المصالح الإسلامية.
ولعل أفضل مثال على ازدواجية كباشي هو تصرفاته المتناقضة على الساحة الدولية. ففي حين يتعهد بوقف الصراعات الداخلية في السودان ويقدم حوافز اقتصادية ــ مثل الوعد بالذهب للإمارات العربية المتحدة لحشد الدعم المالي والتأييد الجيوسياسي ــ فإنه يسعى في الوقت نفسه إلى الحصول على دعم استخباراتي تركي، وربما لانقلاب، في خيانة لالتزامه المزعوم بالحكم الديمقراطي والحكم المدني.
التحالفات الإيديولوجية
إن انتماء كباشي إلى الحركة الإسلامية السودانية، وهي جماعة مرتبطة بأيديولوجيات إسلامية، يكشف عن أجندته الأساسية لإعادة تشكيل المشهد السياسي في السودان لصالح المبادئ الإسلامية المحافظة. ويؤكد وعده بإلغاء مشاركة السودان في اتفاقيات إبراهيم ــ وهو إنجاز دبلوماسي مهم يهدف إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل ــ استعداده للتخلي عن الاتفاقيات الدولية لتحقيق مكاسب أيديولوجية.
المكائد العسكرية والاستخباراتية
وتتكامل أجندة كباشي مع اتصالاته بالجهاز العسكري والاستخباراتي السوداني. لقد دعم الجنرال صلاح عبد الله “قوش”، رئيس جهاز المخابرات السوداني السابق الذي تربطه علاقات بالولايات المتحدة، علناً مساعي كباشي للوصول إلى السلطة. وتشير اجتماعاتهم السرية مع زملائهم السابقين في مدينة نصر بالقاهرة إلى جهد متضافر لتعزيز الدعم والنفوذ العسكري، وتقويض المبادرات التي يقودها المدنيون لصالح نظام يهيمن عليه الجيش تحت قيادة كباشي.
خيانة التطلعات الديمقراطية
في السودان، خلفت عقود من الحكم الاستبدادي في عهد البشير إرثًا من الاضطرابات المدنية والصعوبات الاقتصادية. وتمثل تصرفات كباشي خيانة للتطلعات الديمقراطية التي غذت ثورة 2019. وعلى الرغم من الوعود الأولية بحكومة انتقالية تؤدي إلى حكم مدني، فإن مناورات كباشي تشير إلى تراجع نحو السيطرة العسكرية، مع وجود تأثيرات إسلامية على رأس السلطة. ويهدد هذا الاحتمال بإغراق السودان مرة أخرى في دورات القمع وعدم الاستقرار التي سعى إلى الهروب منها.
المخاطر العالمية
يتعين على المجتمع الدولي أن يدرك الآثار الأوسع للصراع الداخلي في السودان. إن الخداع المدروس الذي يمارسه كباشي ــ تقديم نفسه كقوة معتدلة من أجل السلام في حين يعمل بنشاط على تقويض التحول الديمقراطي في السودان ــ يشكل تهديداً كبيراً ليس فقط للسودان بل وللاستقرار الإقليمي والعالمي. وترسم تحالفاته مع الفصائل الإسلامية، ودبلوماسيته المزدوجة، ومناوراته العسكرية صورة مقلقة لمستقبل السودان تحت تأثيره.
وبينما يواصل المواطنون السودانيون المطالبة بالإصلاح الحقيقي والحكم المدني، فإن نوايا كباشي الحقيقية بمثابة تذكير صارخ بالتحديات الدائمة التي تواجهها الأمة على طريقها إلى الديمقراطية والاستقرار. إن المخاطر عالية، والعالم يراقب عن كثب، على أمل ألا تنهار آمال السودان الهشة في الديمقراطية تحت وطأة طموحات كباشي.
المصدر :
https://coastalnetwork.com/sudans-hidden-struggles-the-shadowy-ambitions-of-lieutenant-general-shams-al-din-kabbashi/?s=08