السفير عبد الله الأزرق يكتب: رسالة لسعادة الفريق البرهان ولرفاقه
📍السفير عبد الله الأزرق يكتب :
📍رسالة لسعادة الفريق البرهان ولرفاقه
من فَرْطِ ثقتي في الجيش ، أنني في اليومين الأولين لهجوم ميليشيا أولاد دقلو كنت أراهن أبنائي ، أن الجيش سيحسم أمرهم في يومين ثلاثة ومضت أسابيع وأصبحوا يتندرون عليّ ثم أصبحت ألتمس للجيش المعاذير . وقلت :
حسبي – وإن مزّق الخذلانُ أوردتي
أنّي صدقتُ ولم يظهر بِيَ الوَجَلُ .
وها نحنُ أولاءِ ندخل العام الثاني !!!
وبالأمس هجمت الميليشيا على الدرادر وقتلت تسعة من شبابنا النضير وجرحت العشرات ثم نهبت ومارست كل جرم
وقبلها اجتاحت قرى ود آمنة والخور واب سير وغيرها كثير .
وقبل ثلاثة أيام رأيت صورة لأهلنا في الحلاوين وهم ينزحون ، فطافت بذهني صورة الفلسطينيين وهم ينزحون من دير ياسين في 1948 ، هلعاً من عصابات شتيرن والأرغون الصهيونية .
تكرار لنفس الصورة المأساوية ورأيت من بينهم سيدة من الحلاوين وهي تحمل وليدها :
أثوابها رَثّةٌ والرجلُ حافيةٌ
والدمعُ تذرُفُهُ في الخدِّ عيناها
قُتِلَ الذي يحميها ويُسعدُها
فالدهرُ من بعدهِ بالفقرِ أشقاها
الموتُ أفْجَعَها والفقرُ أوجعها
والهمُ أنْحَلَها والغَمُّ أضْنَاهَا
مأساةٌ موجعةٌ تُدمي القلبَ وتفطِر الفؤاد :
ماتت جميعُ أحاديثِ الهوى ومضتْ
وماتَ – في القلبِ والأسطورةِ – البطل .
ليس البليةُ في أيامنا عجباً
بل السلامةُ فيها أعجب العجبِ .
وبعد: فقد مضت سبعة أشهر والجزيرة – سُرّة السودان – تستباح كل يوم . وسمعنا منك ومن الكباشي والعطا وجابر ومن نائبك عقار مواعيد لتحريرها من النجس . ومضت الأيام والمأساة تتواصل وتتناسل ؛ فظَفِرْنَا بمواعيد عرقوب :
كانت مواعيدُ عرقوبٍ لها مثلاً
وما مواعيدها إلّا الأباطيلُ .
أصبحتم جميعكم كعرقوب .
وعجبت حين سمعت حديثكم عن الانتخابات والبلد تحتلها ميليشيات ومرتزقة وأعجب العجب تهافتكم على التفاوض في كل عاصمة .
يحدث هذا والخواجات يسنون سكاكين التدخل بذرائع إنسانية ، وبقرارات من مجلس الأمن ، وعبر تفاوض ظللتم تُهرعون إليه .
أنتم يا سادتي ضباط ؛ مسؤوليتكم الأولى هي التحرير وحماية البلد من المعتدي ، وليس المفاوضات والسياسة . شوفوا شغلتكم .
ثم إنكم تَدَثّرتم بالغموض ، وتركتمونا في ظلام لا ندري ما تمخّضت عنه المنامة ، ولا تزمعونه في جدة تفعلون بنا هذا كأن الأمر لا يعنينا . علماً أننا – جماهير الشعب – أهل الجلد والراس . وما أنتم إلا خداما لشعب كريم.
ولا ندري ما قررتموه بشأن الخونة : جناح الجنجويد السياسي . وهؤلاء أشد خطراً من الجنجويد :
أُثِرَ عن أبراهام لينكولن قوله :
” الذين أكثر سوءاً من الخونة الحاملين للسلاح ، هم أولئك الرجال الذين يتظاهرون بالولاء للعلم ويأكلون ويزدادون شحماً على حساب عثرات الأمة “
Worse than traitors in arms are the men who, pretending loyalty to the flag, feast and fatten on the misfortunes of the nation.
Abraham Lincoln
نحنا في ظلام ياسعادة الفريق . فأنتم لا تنورون الشعب .نراكم تتجولون شهوراً بين معسكرات الجيش لكننا لم نَرَ طِحِنَاً .
والقيادة يا سيدي : هي الفعل الموثّر وليس المنصب Leadership is Action Not Position
وتشيع أخبار من الفرق العسكرية أنها جاهزة ، وكل ما يؤخرها هو صدور التعليمات للتحرك لتحرير الجزيرة . ولأننا في الظلام فلا ندري أحقٌ ما يُشاع أم باطل !!!
ولأن الظلام يولّد الإشاعات والكلامات : حقّها وباطلها . يشيع بين الناس أنكم تتقاعسون في تحرير الجزيرة لأن الخواجات حذروكم من شن الحرب . وأنهم ألزموكم بانتظار مفاوضات جدة !!!
لعل الذين حولكم يا سعادة الفريق لا يبلغونكم أن الناسَ طفقوا يتبرمون من قيادتكم . وقد لا يُبلغونكم أن ثقة الناس في الجيش قائمة ؛ لكنهم ينحون باللائمة عليكم ؛ واضمحلّت آمال كانوا يعلقونها عليكم جراء تباطأكم وتقاعسكم في حسم العصابة المجرمة . فلا أنتم أمرتم الجيش بالتحرك ، ولا سلحتم الناس ، ولا سمحتم للمقاومة الشعبية ان تحسمهم .
أخذ الناس يقولون في حقكم ما يماثل ما قاله الإسكندر الأكبر ، حين قال :
” إنني لا أخاف من جيش من الأسود يقوده خروف ، لكنني أخاف من جيش من الخراف يقوده أسد “
“I am not afraid of an Army of lions lead by a sheep; I am afraid of an Army of sheep lead by a lion.”
سيدي البرهان ، ورفاقه الأربعة :
حدث لحزب أردوغان بالأمس ما فيه عبرة لأولي الألباب . علماً أن أردوغان نهض ببلاده من بلاد مدينة إلى بلد دائنه ، وبلغ بها شأواً عظيماً حتى عدّت من أقوى اقتصاديات العالم العشرين ؛ وأصبحت تنتج الطائرات الأحدث وأطلقت الأقمار الصناعية التي صنعتها . لكن كل ذلك لم يشفع له .
ولم يشفع له : لأن الشعوب تتذكر الأخطاء والإخفاقات ، وتنسى النجاحات والإنجازات .
ولكم في الإنقاذ عِظة : فقد قلبَ الناس لها ظهر المِجَن في زيادة جنيه في رغيفة ونسوا بناها التحتية غير المسبوقة ، ومرافقها الخدمية التي لا تخطئها عين ، والأمن الذي نعموا به في ظِلّها .
ولتتذكّروا أنّ :
” نصف الناس أعداء للحاكم ؛ هذا إن عدل “
فماذا سيكون قولهم إن ترك الجزيرة تئن سبعة أشهر ، وهو يرى ؟؟؟
والناصح الأمين هو :
” من صَدَقَكَ لا من صَدَّقَكَ “
📍عبد الله الأزرق
——————————-
1 أبريل 2024