أخبار محليةمقالات رأي

مصير البنادق المتعددة بعد الحرب: تحديات السودان الأمنية والسياسية

 

تعد قضية الأسلحة والفصائل المسلحة في السودان بعد انتهاء الحرب واحدة من أخطر القضايا التي تواجه البلاد في المستقبل. فمع اقتراب نهاية الحرب، لا يتساءل السودانيون فقط عن سبل إيقاف القتال الحالي، بل يتطلعون أيضًا إلى معالجة مصير المجموعات المسلحة المختلفة التي تشكلت على مدى سنوات النزاع، بما في ذلك الجيش السوداني، قوات الدعم السريع، والحركات المسلحة الأخرى التي تقاتل إما بشكل مباشر أو على هامش الصراع.

يشير المحللون إلى أن الوضع العسكري في السودان معقد للغاية، حيث تنتشر عدة جماعات مسلحة ذات أجندات مختلفة في مختلف أنحاء البلاد. وأهم هذه القوى هي الجيش السوداني، الذي يمثل القوة العسكرية الرسمية. هناك إجماع على ضرورة أن يكون الجيش هو المؤسسة العسكرية الوحيدة في البلاد بعد الحرب، ولكن هناك أصوات تطالب بإصلاحات جذرية فيه، لتعيد له استقلاليته وقوميته، وتنقيه من الفساد والعناصر ذات الانتماءات السياسية والآيديولوجية.

من جهة أخرى، قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي) هي الطرف الرئيسي الثاني في الحرب، إلا أنها تعاني من تحالفات داخلية هشة. فقد انضمت لها خلال النزاع الحالي مجموعات قبلية مسلحة، مثل مجموعة كيكل، والتي تحمل أجندات خاصة بها، ولا يعرف مدى التزامها بأي اتفاق سلام قد يتم التوصل إليه.

إلى جانب الجيش وقوات الدعم السريع، هناك مجموعة كبيرة من الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش، وأبرزها الحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا تشمل هذه الحركات حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، والحركات المنفصلة عن مجلس الانتقالي مثل تجمع قوى تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر. هذه الحركات تتعاون مع الجيش ضد الدعم السريع، ولكنها تحتفظ بأجندات خاصة قد تعقّد المشهد بعد الحرب، خاصة فيما يتعلق بتوزيع السلطة والمناصب.

إضافة إلى ذلك، هناك فصائل الجماعات الإسلامية المسلحة التي شاركت في الحرب، مثل  كتائب البراء بن مالك والزبير بن العوام ، وهي حركات إسلامية تمتلك ارتباطات مع الحركة الإسلامية في السودان. هذه الجماعات لديها مصالح في إقصاء القوى المدنية من الساحة السياسية، ويصعب تخيل أنها ستستسلم لأي اتفاق يتوصل إليه الجيش دون ضمان مكانها في السلطة.

أما في شرق السودان، فيتعقد الوضع بسبب التواجد المتزايد للفصائل المسلحة المرتبطة بالقبائل المحلية. على سبيل المثال، أعلنت حركة  مؤتمر البجا  بقيادة موسى محمد أحمد تدريب آلاف المقاتلين، وهناك تحالفات مماثلة مثل الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة بقيادة الأمين داؤود. هذه الحركات المسلحة قد تستعد لصراعات داخلية فيما بينها في حال عدم حل قضايا الإقليم الشرقي بطرق سلمية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك حركات مثل الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، والتي لم تشارك بشكل مباشر في الحرب الأخيرة، لكنها تظل قوة محتملة في المناطق التي تسيطر عليها.

السيناريوهات المستقبلية
التحدي الأكبر بعد انتهاء الحرب هو كيفية إدماج هذه الفصائل المسلحة المختلفة في النظام السياسي والعسكري للدولة. سيتطلب الأمر تسويات سياسية واسعة وإصلاحات أمنية عميقة تضمن وجود جيش وطني موحد، دون أن تترك الفصائل المسلحة مجالًا لبدء جولات صراع جديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى