تقارير

محامو جنوب السودان يرفعون دعوى قضائية للطعن في قرار الرئيس بتأجيل الانتخابات وتمديد الحكومة الانتقالية

 

في خطوة قضائية أثارت اهتماماً واسعاً داخل جنوب السودان، قامت مجموعة من المحامين البارزين بتقديم دعوى قضائية أمام المحكمة العليا في البلاد، يوم الاثنين، للطعن في قرار الرئيس سلفا كير ميارديت بتأجيل الانتخابات وتمديد فترة الحكومة الانتقالية لمدة عامين. يأتي هذا القرار بعد مصادقة البرلمان دون تعديل على تمديد الفترة الانتقالية، مما دفع المحامين إلى الطعن في دستوريته وقانونيته، مشددين على ضرورة الالتزام بالجدول الزمني الأصلي للانتخابات.

تأجيل الانتخابات للمرة الثانية
يعد هذا التأجيل هو الثاني من نوعه بعد أن تم تأجيل الانتخابات المقرر عقدها في عام 2022. ووفقاً لقرار الرئيس الذي أُعلن قبل 10 أيام، تم تمديد الفترة الانتقالية لعامين إضافيين، مما أثار انتقادات داخلية ودولية. كان من المقرر أن تُجرى الانتخابات في ديسمبر 2023 لإنهاء الفترة الانتقالية التي بدأت بعد توقيع اتفاق السلام في 2018، والذي أنهى صراعاً دام خمس سنوات وأسفر عن مقتل مئات الآلاف ونزوح ملايين الأشخاص.

 الطعن القانوني: موقف المحامين
دينج جون دينج، وهو المتحدث الرسمي باسم المحامين الذين قدموا الدعوى، صرح للصحفيين بعد تقديم الدعوى بأنهم يرون أن التمديد غير دستوري وغير قانوني. أضاف دينج: “نعتقد أن هذا القرار يمثل انتهاكاً للدستور، ونطالب حكومتنا بتنظيم الانتخابات في الموعد المحدد وفقاً للاتفاقيات السابقة”. ويعكس هذا الطعن القانوني خيبة أمل متزايدة بين العديد من القوى السياسية والمجتمع المدني في البلاد الذين يرون أن الحكومة الانتقالية تماطل في تنفيذ الالتزامات المتفق عليها في اتفاقية السلام.

التأجيل وتداعياته على عملية السلام
قرار تأجيل الانتخابات دفع الضامنين الدوليين لعملية السلام في جنوب السودان إلى التعبير عن خيبة أملهم الكبيرة، حيث رأوا في هذا التأجيل مؤشراً على تقاعس الحكومة عن تنفيذ بنود الاتفاقية المبرمة في عام 2018. ورغم تحقيق استقرار نسبي بعد توقيع الاتفاق، لا تزال التوترات السياسية قائمة، إذ تنشب أعمال عنف متكررة بين الجماعات المسلحة المتنافسة، مما يزيد من تعقيد الوضع في البلاد.
وكان من المتوقع أن تُجرى الانتخابات في إطار اتفاق السلام الذي ينص على ضرورة إجراء انتخابات عامة قبل 90 يوماً من انتهاء ولاية الحكومة الانتقالية. ومع ذلك، لم تتمكن الحكومة الانتقالية من تحقيق التقدم المطلوب في تنفيذ بنود الاتفاق، بما في ذلك صياغة دستور جديد وتوحيد الجيش تحت قيادة موحدة.

 خلافات حول قيادة الجيش والتوزيع العسكري
تلعب مسألة توحيد الجيش دوراً محورياً في تعقيد الوضع السياسي في البلاد. ريك مشار، النائب الأول للرئيس، طالب بأن تكون مناصب قيادة الجيش الموحد موزعة بالتساوي بين قواته وقوات الرئيس سلفا كير. ومع ذلك، عرض كير 40% فقط من هذه المناصب للمعارضة، ما أثار توترات إضافية. وتزايدت هذه التوترات مع انشقاق بعض القادة العسكريين الموالين لمشار والتحاقهم بالقوات الحكومية.

ردود الفعل الدولية والمحلية
منذ إعلان التأجيل، تزايدت الانتقادات من القوى الدولية التي لعبت دوراً في دعم عملية السلام في جنوب السودان، حيث أكدت أن التأجيل يعد انتكاسة لعملية التحول الديمقراطي في البلاد. وقد أعرب المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، عن قلقهم من تأجيل الانتخابات والبطء في تنفيذ بنود اتفاق السلام.

على الصعيد المحلي، يشعر العديد من المواطنين بالاستياء من استمرار الأزمة السياسية وتأجيل الانتخابات التي كانوا يأملون أن تكون فرصة لتحقيق الاستقرار الدائم. ومع ذلك، يرى البعض أن الحكومة تحتاج إلى وقت إضافي لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة لضمان انتخابات حرة ونزيهة.

 خلفية سياسية
منذ أن نالت جنوب السودان استقلالها عن السودان في عام 2011، ظل سلفا كير رئيساً للبلاد، في حين شهدت فترته الرئاسية نزاعات وحروب داخلية أبرزها الحرب الأهلية بين قواته وقوات ريك مشار. ومن المتوقع أن ترشح كير نفسه مجدداً في الانتخابات المقبلة، رغم أن البلاد تعاني من تحديات كبيرة على مستوى إعادة الإعمار والتصالح الوطني.

ختاماً، تظل جنوب السودان أمام مفترق طرق حاسم، حيث يتوقف استقرارها المستقبلي على كيفية معالجة هذه الأزمة السياسية وتنفيذ بنود اتفاق السلام بشكل شامل، بما في ذلك تنظيم الانتخابات في بيئة آمنة وشفافة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى