مقالات رأي

رشان اوشي.. السودان والأخطبوط والتوازن الدقيق

قُرابة العام هو عمر الحرب في السودان، كان “محمد حمدان دقلو” يتوقع أن يحسمها في ثلاثة أيام وكان الشعب يعتقد أن الجيش سيحسمها خلال أيام أيضاً، وبعد شهور أظهرت الحرب أن الخاسرين كُثر، أولهم مليشيا “آل دقلو” التي انهارت تماما، وذهبت معها تلك الإمبراطورية الاقتصادية أدراج الرياح.

كان السودان يقاتل اخطبوباً يتكون من (مليشيا مسلحة)، إسناد سياسي داخلي (قوى الحرية والتغيير_المجلس المركزي)، حرب نفسية وإعلامية احترافية؛ إسناد دولي، ودعم إقليمي (الإمارات).

ما زال الوقت مبكراً على إحصاء كامل الخسائر. لكنه ليس مبكراً على القول إنه لن يكون “دقلو” رابح في أعنف حرب في السودان، إذاً لكل حرب نهاية… دائما ما تبدأ الحروب طاحنة، تبدو وكأنها لا تنتهي أبدا.

انتهت حرب السودان عندما أشاح العالم وجهه عن مليشيا آل دقلو “، الأمريكان وبخوا قادة تقدم في اجتماع عقد قبل شهر على خطوة إعلان تحالف أديس ابابا مع الدعم السريع، كانت” مولي في” قاسية وهي تخاطب خالد عمر يوسف ،طه عثمان وآخرون .

الاتحاد الأفريقي اتجه صوب المرونة في تعاطيه مع القضية السودانية، عندما أجبرته الحكومة السودانية على احترام سيادتها، والتوقف عن إملاء المواقف عليها، مما اضطر المنظمة الإقليمية لإيفاد آلية رفيعة للقاء السودانيين بمختلف مشاربهم والاستماع إليهم.

بالأمس كان المبعوث الخاص لحكومة النيجر يتجول بين ردهات الدولة، ويلتقي كبار المسؤولين ليبلغهم اهتمام المجلس العسكري الانتقالي بالنيجر بضرورة توطيد العلاقات مع السودان.

التقيت سعادة المبعوث” طاهرو بريمة “على هامش زيارته للسودان أمس، وأجريت معه حواراً صحافياً مطولاً، استمتعت خلاله لرؤية حكومة النيجر بشأن الأزمة السودانية ، الرجل أبلغ حكومة السودان، استعداد حكومته التام للتعاون في سبيل إنهاء تمرد مليشيا الدعم السريع، وكان شديد الحرص على تأكيد أن المرتزقة من مواطنيه المشاركين في حرب السودان ما هم إلا متفلتين ومجرمين، شاركوا بصفتهم الشخصية وليس بقرار رسمي.

المبعوث النيجري أبلغ حكومة السودان بأنهم سيعملون على محاكمة كل من يثبت تورطه في حرب السودان من مواطنيهم وطالب الحكومة السودانية بتطبيق القانون السوداني على كل من يقع تحت يدها من مواطني النيجر، عاد الرجل صباح اليوم إلى بلاده وهو يحمل” فلاش به بيانات (١٣٠ )ألف مركبة ومنهوبات سلمته إياه وزارة الداخلية السودانية.

التغييرات الكبيرة التي طرأت على مواقف المجتمع الدولي والإقليمي تؤكد القضية السودانية أصبحت قضية العالم الأولى، وأدرك المجتمع الدولي أنه لا استقرار إقليمياً أو دولياً من دون التوصل إلى حل جذري، وأن الشعب السوداني برغم محاولات التصفية الممنهجة، فإنه استطاع أن يبقى صامداً بتكلفة هائلة؛ لكن يجب ألا تستمر هذه التكلفة إلى الأبد، وتتحول إلى حالة إدمان سياسي، كما أنه يجب ألا تصبح هذه القضية مجرد جسر للعبور، والاستغلال من قوى إقليمية ودولية، فسياسة المحاور القائمة على الاستقطاب فشلت فشلا ذريعا، فقد جعلت القضية السودانية رهينة التجاذبات، ولكن حرب ١٥/ ابريل وضعت حداً حاسماً للقوى الإقليمية التي اختطفت القرار السوداني لأربع سنوات…
محبتي واحترامي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى