خبراء يردون : ماذا تريد أريتريا من السودان بعد تهديد رئيسها بالتدخل لصالح البرهان ؟
حذر المتخصصون من المخاطر المرتبطة بالتدخلات الأريترية في شرق السودان بالتعاون مع قائد الجيش السوداني، الفريق عبدالفتاح البرهان، مشيرين إلى أن ذلك قد يؤدي إلى اندلاع صراعات عرقية بين مكونات الإقليم الاجتماعية. زار قائد الجيش السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان، يوم الثلاثاء، العاصمة أسمرا، حيث التقى الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، وتم مناقشة التطورات الحالية في السودان، وفقاً لما ذكره إعلام مجلس السيادة السوداني. أعرب المحلل السياسي صلاح حسن جمعة عن أن النظام الإريتري يسعى للحصول على الكثير من السودان، وأحد أهدافه الرئيسية هو فرض سيطرته على شرق السودان.
وأوضح جمعة أن البرهان قد يوفر لإريتريا كل ما تحتاجه في مقابل دعمه له، وحمايته من تقدم قوات الدعم السريع، ومساعدته على البقاء في السلطة، حسب قوله. قال لـ “إرم نيوز” إنه “لم يعد خفيًا على أحد طموحات الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، في سعيه لضم مناطق من شرق السودان لتصبح جزءًا من إريتريا، مما يتيح له السيطرة على أكبر عدد من الموانئ السودانية على البحر الأحمر”. وأضاف أن “إريتريا تحاول الآن استغلال ضعف البرهان وحاجته الملحة للمساعدات العسكرية، من خلال المقاتلين، لمواجهة قوات الدعم السريع التي قد تتقدم إلى مواقع جديدة في شرق السودان”. وأشار إلى أن أفورقي قد يقوم بتدخل عسكري باستخدام جيشه لدعم البرهان، تحت مظلة ميليشيا “الأورطة الشرقية”، التي تم الإعلان عن نشرها في شرق السودان بالتنسيق بين الشخصين.
وحذر جمعة من أن التدخل الإريتري في شرق السودان قد يؤدي إلى اندلاع صراعات عرقية في المنطقة بين مكوناتها. وأشار إلى وجود كيانات بارزة تمثل قومية البجا، التي تنتشر بشكل واسع في الإقليم، والتي ترفض باستمرار التدخلات الإريترية في السودان، كما أن لديها عداء معروف مع قائد ميليشيا “الأورطة الشرقية” الأمين داؤود.
الأورطة الشرقية
أعلنت ميليشيا مسلحة تُدعى “الأورطة الشرقية” في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن انتشارها في شرق البلاد، وسط خلافات داخل معسكر الجيش، بينما اعتبرها البعض بمثابة غطاء للتدخل الإريتري في السودان. تتكون قوات “الأورطة الشرقية” من مقاتلين من قبيلة “البني عامر”، التي تتواجد في السودان وإريتريا. وتترأس هذه القوات الأمين داؤود، الذي يقود تنظيم “الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة”. وكان هذا التنظيم جزءًا من اتفاق جوبا للسلام في السودان، لكنه واجه معارضة كبيرة في الشرق، مما أدى إلى تعليق تنفيذ الاتفاق في ذلك الوقت. أكد مصدر مطلع لوكالة “إرم نيوز” أن قوات “الأورطة الشرقية” لا تتجاوز الـ 200 مقاتل، لكنها ستوفر غطاءً لتدخل الجيش الأريتري في شرق السودان، مشيرًا إلى أن المقاتلين من الجانبين ينتمون إلى نفس القومية، مما يجعل من الصعب تمييزهم. أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن الهدف من نشر قوات “الأورطة الشرقية” هو حماية إقليم شرق السودان. وأضاف أن الجيش الإريتري سيقوم بمواجهة قوات الدعم السريع إذا حاولت التمدد إلى هناك، متخفيًا بزي “الأورطة الشرقية”، حسب قوله. وأضاف أن البرهان “لا يرغب في أن تمتد الحرب إلى إقليم شرق السودان، الذي تم نقل العاصمة إليه منذ بداية النزاع؛ مما يجعله مستعدًا لإدخال الجيش الإريتري وغيرها من القوى لحماية الموانئ على البحر الأحمر، التي أصبحت المورد الاقتصادي الأهم المتبقي لديه”. وأشار إلى الأطماع الإريترية في ولاية كسلا السودانية الحدودية، التي تسكنها قوميات مشتركة بين البلدين، وأوضح أنه “ليس من المستبعد أن يقدم البرهان لـ (الرئيس الإريتري أسياس) أفورقي هذا التسهيل مقابل تدخلاته ومساعدته في كبح تقدم قوات الدعم السريع نحو شرق السودان”.
وأكدت مصادر إعلامية أن القوات التي تم الإعلان عن نشرها في شرق السودان تحت اسم “الأورطة الشرقية” هي في الواقع قوات تابعة للجيش الإريتري. ومن المقرر أن تدخل هذه القوات الحرب لدعم الجيش السوداني تحت ستار الميليشيا الجديدة، في مسعى من الرئيس الإريتري لتقديم المساعدة العسكرية للجيش السوداني. وأفادت المصادر بأن أفورقي يسعى، بالتعاون مع قيادات تنتمي إلى الشرق مثل: إبراهيم محمود حامد، وإبراهيم دنيا، والأمين داؤود، للسيطرة على شرق السودان كهدف استراتيجي، محاولاً استثمار الأوضاع الحالية في البلاد. ظهر رئيس حزب المؤتمر الوطني المنحل، إبراهيم محمود حامد، خلال الفترة الماضية في مدينة بورتسودان، العاصمة المؤقتة، حيث تم استقباله بشكل رسمي من قبل السلطات العسكرية السودانية. قال مصدر سياسي سوداني، لموقع “إرم نيوز”، في وقت سابق، إن إبراهيم محمود حامد له علاقات مع جمهورية إريتريا، ومع الأمين داؤود قائد “الأورطة الشرقية”.
أفاد المصدر بوجود خطة من قبل مجموعة حزب المؤتمر الوطني تهدف إلى تقسيم السودان بتدخل من دول مجاورة، منها إريتريا، وذلك في محاولة للتخلص من قوات الدعم السريع.
رفض البجا
يمثل المجلس الأعلى لنظارات قبائل البجا أبرز المعارضين للتدخلات الأريترية في شرق السودان، ويعتبر أن الميليشيات التي تم نشرها مؤخرًا في مدينة كسلا ليست سوى وسيلة للتدخل الأريتيري المرتقب في المنطقة. علق سيد علي أبو آمنة، القيادي في المجلس الأعلى للبجا، على زيارة قائد الجيش السوداني إلى أسمرا يوم الثلاثاء، حيث قال: “البرهان يغادر بورتسودان متوجهًا إلى أسمرا للقاء إسياس أفورقي، رئيس شرق السودان وإرتيريا”، وذلك وفقًا لما كتبه على حسابه في فيسبوك. وقد اعتبر مجلس البجا في وقت سابق أن قوات “الأورطة الشرقية” تمثل تدخلاً من دولة إريتريا في الإقليم.
أصدر المجلس بيانًا بعنوان “بخصوص نشر قوات إريترية في إقليم البجا”، حيث وجه فيه اتهمات للقوات الجديدة وقائدها الأمين داؤود، واصفًا إياه بأنه “عضو في جبهة التحرير الإريترية”، الحزب الحاكم في إريتيريا. ذكر البيان الذي حصلت عليه “إرم نيوز” أن الأمين داؤود، عند مجيئه خلال الفترة الانتقالية عبر اتفاق “مسار الشرق” ضمن اتفاق جوبا مع الحكومة السودانية، لم يكن يمتلك أي أسلحة أو قوة عسكرية. ولكن اليوم، تم تزويده بالسلاح من قبل أجهزة المخابرات السودانية والإريترية.