حوار مع ناطق تقدم شهاب الطيب يكشف عن تأسيس منصة شاملة لإيقاف الحرب خلال أسابيع
ويتحدث عن طموحات الجنرالات والانشقاقات وقضايا هامة
تحالف القوى المدنية السودانية يدفع نحو إطلاق منصة شاملة لإنهاء النزاع وتحقيق السلام الدائم: جهود محلية ودعم دولي وإقليمي لإنقاذ السودان من التقسيم
وسط سعي حثيث لإنهاء النزاع المستمر في السودان الذي تسببت فيه الحروب والصراعات المسلحة خلال العامين الأخيرين، أعلن شهاب إبراهيم الطيب، الناطق الرسمي باسم حزب التحالف الوطني السوداني وعضو تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، عن استعداد القوى المدنية السودانية لتدشين منصة شاملة تهدف لتحقيق السلام والاستقرار في البلاد. ويأتي هذا الإعلان بعد تحركات مكثفة قامت بها “تقدم” لحشد القوى المدنية المختلفة، بالتعاون مع القوى الإقليمية والدولية، للوصول إلى حلول مستدامة تضمن إنهاء النزاع المسلح الذي أثقل كاهل الشعب السوداني.
وفي حديثه لموقع “عربي21″، أكد الطيب أن المبادرة الجديدة تهدف إلى جمع كافة الأطراف السودانية على طاولة حوار وطني، حيث تسعى التنسيقية إلى إنهاء العنف عبر إطار عمل تفاوضي يشمل الجيش وقوات الدعم السريع، ويدعو إلى تمثيل واسع للقوى المدنية. كما بيّن الطيب أن هناك توقعات بالإعلان الرسمي عن هذه المنصة في شهر نوفمبر الجاري أو ديسمبر المقبل، مشيرًا إلى أن هذه المنصة قد تكون الخطوة الأولى نحو تحقيق الاستقرار واستعادة الحياة الطبيعية للسودانيين، إذا ما حصلت على الدعم الدولي اللازم. وأشار الطيب إلى أن غياب الضغط الدولي الفعال على الأطراف العسكرية قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة، محذرًا من سيناريوهات تقسيم البلاد. وقال إن النزاع في السودان لم يعد مجرد حرب تفاهمات محدودة، بل تحول إلى صراع تحالفات معقد، حيث تسعى أطراف إقليمية ودولية للسيطرة على مسار النزاع وفقًا لمصالحها الخاصة. وأكد أن الحل لهذه الأزمة لا يمكن أن يكون جزئيًا، بل يجب أن يكون شاملًا ومستدامًا، يشمل معالجة الأسباب الجذرية للنزاع، وذلك من خلال توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدعم السلام.
“المائدة المستديرة” كخطوة نحو بناء السودان الجديد
وتسعى تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية “تقدم” إلى عقد مؤتمر حوار وطني واسع تحت عنوان “المائدة المستديرة”، كأحد أهم البنود في خطتها للسلام. وتهدف هذه المبادرة إلى إعادة بناء الدولة السودانية بشكل يُعيد التوازن بين القوى المدنية والعسكرية، ويؤسس لنظام حوكمة ديمقراطي يضمن حقوق الشعب السوداني ويضع حدًا للصراعات المسلحة. كما تسعى المبادرة إلى دعوة مختلف الحركات المسلحة والقوى المدنية، حتى تلك التي لم تكن جزءًا من التنسيقية من قبل، للمشاركة في الحوار وإبداء آرائهم حول مستقبل البلاد.
ووفقًا للطيب، فإن القوى المدنية تعمل بالفعل على التواصل مع عدد من الأحزاب والكيانات السودانية المهمة، مثل حزب البعث العربي الاشتراكي، المؤتمر الشعبي، الحزب الاتحادي الأصل، الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور، إلى جانب عدة شخصيات سياسية ومدنية مناهضة للحرب. ويؤمل أن يكون هذا التجمع بمثابة خطوة أولى نحو توحيد الأجندة الوطنية للسودان، حيث سيتم التحضير لجلسات حوار تجمع كافة الأطراف، بما يسهم في تقريب وجهات النظر، والتوصل إلى توافق مشترك حول الحلول الممكنة للأزمة السودانية.
التحديات الإقليمية وتأثيرها على النزاع السوداني
وتطرق الطيب إلى الديناميكيات الإقليمية التي تزيد من تعقيد الأزمة السودانية، حيث أشار إلى أن النزاع السوداني لم يعد محصورًا في حدود السودان فقط، بل تأثرت به دول الجوار، وأصبح يتداخل مع مصالح قوى إقليمية تسعى للسيطرة على المشهد السوداني لتحقيق أجنداتها الخاصة. ويشير الطيب إلى عودة بعض رموز النظام السابق الذين يسعون لتأجيج النزاع، مؤكدًا أن تلك التحركات تعرقل جهود السلام وتسعى إلى تحويل السودان إلى بؤرة صراع مستمر.
وأكد الطيب على ضرورة إبعاد قيادات النظام السابق عن التأثير على قرار الجيش السوداني، مشددًا على أهمية الضغط الدولي لعزل تأثير النظام البائد الذي يسعى لاستمرار النزاع وإفشال أي جهود للإصلاح البنيوي للدولة. كما أضاف أن المجتمع الدولي يجب أن يتحمل مسؤوليته في الضغط على الأطراف المتحاربة بشكل فاعل، بما في ذلك الجيش وقوات الدعم السريع، للمضي نحو حلول سلمية والتخلي عن لغة العنف.
الأزمة الإنسانية وآثارها على المنطقة
وأعرب الطيب عن قلقه من تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، حيث أسفر النزاع المستمر عن نزوح الملايين داخليًا وهروب أعداد كبيرة نحو الدول المجاورة، مما خلق عبئًا إضافيًا على تلك الدول. كما أدى النزاع إلى انتشار الأمراض ونقص الغذاء والخدمات الأساسية، مشددًا على أن هذه الأزمة الإنسانية قد تتفاقم إذا لم يتم التوصل إلى حل سريع. ودعا الطيب المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى توفير دعم عاجل للسودانيين المتضررين من الحرب، بعيدًا عن تعقيدات النزاع، مؤكدًا على أن الوضع في السودان يتطلب استجابة فورية لاحتواء الكارثة الإنسانية.
تعزيز دور القوى المدنية كضامن للاستقرار
وأوضح الطيب أن الحلول الدبلوماسية لن تكون فعّالة إذا لم تستند إلى أولويات الشعب السوداني وتضمن تمثيلًا حقيقيًا للقوى المدنية، مشيرًا إلى أن استمرار اعتماد الجيش وقوات الدعم السريع على شرعية متنازع عليها يزيد من تعقيد المشهد ويعيق تحقيق السلام الدائم. وذكر أن المجتمع الدولي يجب أن يفرض ضغوطًا جادة على الأطراف العسكرية لتجاوز فكرة احتكار السلطة والتوجه نحو مسار ديمقراطي شامل، بما يتيح للشعب السوداني تقرير مصيره عبر انتخابات حرة ونزيهة.
وأكد الطيب على أهمية دعم الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لجهود السلام في السودان، لكنه شدد على ضرورة أن تكون تلك الجهود متسقة مع مطالب الشعب السوداني، لا سيما الدعوات لإعادة تمكين القوى المدنية وإعطائها دورًا فاعلًا في الفترة الانتقالية.
استشراف مستقبل السلام في السودان
وختم الطيب حديثه بالتأكيد على أن القوى المدنية لن تتوانى عن بذل كافة الجهود الممكنة لتأسيس منصة شاملة لإنهاء النزاع. وأعرب عن أمله في أن تكون “المائدة المستديرة” بمثابة بداية لتحول حقيقي نحو السلام، إلا أنه شدد على أن هذا السلام لن يتحقق دون دعم واسع من المجتمع الدولي والإقليمي. وأكد أن استمرار الحرب قد يؤدي إلى سيناريوهات تقسيم، مما قد يجعل السودان ساحة صراع نفوذ دولي وإقليمي في حال تفاقم الأزمة، مذكرًا بأن الشعب السوداني قد عانى بما فيه الكفاية من ويلات النزاع، وأن إنهاء الحرب أصبح أمرًا ملحًا لا يحتمل التأجيل.