باحث سياسي: المبعوث الأميركي لن ينجح بحل الأزمة السودانية لسببين
أوضح الباحث في “مركز الخرطوم” للحوار اللواء الرشيد معتصم مدني أن “هناك تعقيدات كثيرة واجهت القوات المسلحة السودانية في حربها ضد قوات المتمردين، من أهمها وأبرزها انتشار الأخيرة في قرى المزارعين بولاية الجزيرة وسط السودان، ونقل المعارك إلى هذه المناطق البعيدة من ميادين القتال المباشرة والتحكم في الطرق البرية التي تؤمن الإمداد بالمفهوم العسكري البسيط، وذلك بدافع النهب والسلب الذي بدا واضحاً لكل المراقبين لهذه الحرب، إذ حقق لهم هذا الانتشار الذي صاحبه خطاب إعلامي إثني بدائي صادر عن بعض المغامرين من القادة الميدانيين، الذين يرسلون في الغالب رسائل خاطئة صادرة من ردود الأفعال الآنية غير الواعية، أكسبهم مساحة كبيرة في الإعلام، لكن في المقابل أفقدهم ميدان الحرب الرئيس بالسيطرة على الدولة السودانية أو الخروج بمكاسب تحقق لهم وجوداً ضمن المعادلة السياسية في المستقبل وفق تخطيط حلفائهم الإقليميين والدوليين”.
وبين مدني في تصريحات لجريدة اندبندنت عربية أن الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبتها قوات “الدعم السريع” ضد المدنيين وحدت روح الشعب وتعاظم الشعور بالخطر لدى السودانيين، وبدا واضحاً لهم وبصورة فطرية أن الانقسامات تفقدهم استقلالهم. وعلى رغم الخسائر الكبيرة الناتجة من هذا التمرد على مستوى الأفراد والأسر ومؤسسات القطاع الخاص والعام والخراب الكبير الذي طاول البنية التحتية وشل الاقتصاد، إلا أن الجيش يعمل على استرداد الوطن بدعم تام من عامة الشعب.
وأشار مدني إلى أن “هناك تقاطعات مصالح وأطماعاً تحرك اللاعبين الإقليميين في الجانبين العربي والأفريقي، إذ يعمل الجميع على حماية مصالحه منها المتعلق بالموارد والممرات المائية، في وقت أن أغلب دول شرق أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي التي ناورت في القضية السودانية بإيعاز من حلفاء إقليميين أو دوليين أو بدافع تحقيق مطامع شخصية لقادتها، هيمنت عليها نزاعاتها الداخلية مما دفعها للانكفاء والابتعاد بدرجة أو بأخرى عن المشهد السوداني”.
وتوقع أن تشهد المنطقة الأفريقية مزيداً من الانفجارات، مبيناً أن حرب غزة ولبنان وأوكرانيا أخذت اهتمام مراكز القرار العالمية، إضافة إلى حالة الانتقال التي يشهدها العالم ونتائج الانتخابات الأميركية وما تسفر عنها، وانعكاساتها في الداخل الأميركي والتحالفات القديمة في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وأكد أن “تجارب البعثات الأممية في العالم وأفريقيا والسودان بخاصة لا تشجع على نشر قوات أممية، فهذه البعثات تحتاج إلى اعتمادات مالية كبيرة والعالم غير مستعد لتوفيرها، وسبق أن صاحب صرف هذه الأموال كثير من الفساد بحسب تقارير مراكز غربية ومراقبين، فضلاً عن بروز سلوكيات منافية للثقافات المحلية من قبل تلك البعثات، مما سبب حرجاً في كثير من الأحيان للمنظمة الأم، إضافة إلى اعتماد هذه القوات في كل حركتها على حماية الجيوش الوطنية وهذا غير متوافر، مما يمنعها من إنجاز أي من المهام الموكلة لها ويتسبب لها في خسائر كبيرة، بخاصة أنها تتحرك في بيئة لا تعرفها”.
ويعتقد مدني أن المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو لن ينجح في مهمته المتعلقة بحل الأزمة السودانية لسببين: الأول يعزى للمشهد الأميركي الداخلي المرتبك، والثاني أن كل مناوراته كانت مع الدوائر الخارجية الإقليمية والمجموعة السياسية السودانية التي ينظر إليها السودانيون باعتبارها مشروعاً خارجياً ولا تعبر عن مصالحهم، فضلاً عن أنه لم يسجل زيارة للسودان منذ تعيينه.